
بدأت ثورة 23 يوليو 1952 بقادة تنظيم الضباط الأحرار الذى ضم طليعة من شباب ضباط الجيش المصرى بزعامة جمال عبد الناصر وقوبلت باستجابة شعبية عارمة وتحولت إلى ثورة شاملة عبر مجموعة من الإجراءات بدأت بالإصلاح الزراعى ثم التخلص من النظام الملكى وإعلان الجمهورية، وصولاً إلى معاهدة الجلاء وكسر احتكار السلاح حتى وصلنا إلى قرار الرئيس عبد الناصر بتأميم شركة قناة السويس والصمود أمام العدوان الثلاثى حتى خرجت مصر منتصرة واستردت قناتها، وبذلك اكتملت كل معالم ثورة 23 يوليو 1952 وهو ما تجلى واضحًا فى الفترة من عام 1956 حتى نهاية حرب أكتوبر 1973 .
فى تلك الفترة استردت مصر استقلالها سياسيًا وبعد فشل العدوان الثلاثى بدأت استرداد اقتصادها من الأجانب واليهود وتغير شكل المجتمع المصرى تمامًا عن الفترة السابقة على الثورة فى كل المجالات، شهدت تلك الفترة ذروة النهوض الاقتصادى والاجتماعى والأدبى والفنى والفكرى المصرى، كما شهدت بروز دور مصر الاقليمى والدولى كإحدى القوى المؤثرة فى العالم ولا يمكن لأحد أن ينسى الدور المصرى فى الوطن العربى وفى العالم الثالث وفى حركة عدم الانحياز .
حققت مصر فى تلك الفترة معدلات نمو اقتصادى غير مسبوقة وغير ملحوقة حتى الآن ، وتلك الفترة هى التى شهدت بناء السد العالى و1200 مصنع صناعات إستراتيجية وثقيلة وتحويلية، كما شهدت توسعًا زراعيًا غير مسبوق وأحسن معدلات إنتاج للمحاصيل الزراعية .
كانت تلك الفترة هى التى شهدت أوسع عملية للحراك الاجتماعى فى مصر عبر مجانية التعليم وبواسطة تكافؤ الفرص بين الأغنياء والفقراء.
تغيرت صورة مصر تمامًا خلال تلك الفترة، لذا فقد شكل هذا الصعود المتنامى للقوة المصرية ونجاح تجربة التنمية التى كان يقودها جمال عبد الناصر فزع لدى القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية فتم نصب فخ 5 يونيو 1967 للقضاء على مشروع النهضة العربى ولكن الجماهير العربية فى مصر، وعلى امتداد الوطن العربى، رفضت الهزيمة وطلبت من الرئيس عبد الناصر البقاء فى موقعه وجلب النصر.
وقد شهدت الأعوام الأخيرة من حكم الرئيس عبد الناصر أفضل إنجازاته، فقد تم إعادة بناء الجيش المصرى من جديد على أحدث النظم العلمية فى العالم، وتم بناء حائط الصواريخ المنيع على حافة الضفة الغربية لقناة السويس، وتم وضع خطط العبور وتحرير الأرض العربية المحتلة كل الأرض العربية المحتلة وليس سيناء فقط، فقد رفض الرئيس عبد الناصر أكثر من عرض أمريكى وإسرائيلي ينص على عودة سيناء فقط لمصر دون شروط وقال كلمته الشهيرة “القدس والضفة الغربية والجولان قبل سيناء” ، ولم يقبل بحل جزئى منفرد لقضية النزاع العربي الإسرائيلي .
صعدت روح الرئيس عبد الناصر إلى بارئها بعد ثلاثة أعوام من النكسة، واقتصاد مصر أقوى من اقتصاد كوريا الجنوبية، ولدى مصر فائض من العملة الصعبة تجاوز المائتين والخمسين مليون دولار بشهادة البنك الدولي.
لا تزال ثورة يوليو تشكل علامة بارزة في تاريخ الوطن ونقطة تحول أساسية في مساره الوطني، بما قدمته من إنجازات مهمة وما أجرته من تحولات جذرية في جميع جوانب الحياة.