

السماء
نشأة الكون و بدء خلق المكان و الزمن
“تفيد النظريات الحديثة في نشأة الكون أن السماوات و الأرض كانتا في الأصل متصلة بعضها ببعض (رتقا)”.
و قد إكتشف العلماء السعة في الكون المستمرة بإنتظام و عرف ذلك بنظرية التمدد للكون و بإستخدام الإستقراء العكسي لإتساع الكون.
و قبل هذا التباعد لمادة الكون لابد كان التقارب بين مادة الكون ، و من نتائج الحسابات اللازمة لإرجاع تلك الأجرام المتباعدة الآن و تجميعها ، وهو تصور أن كل الأجرام كانت مجتمعة في جرم واحد أولي.
فتبلغ كثافته حوالي 250 مليون طن/سم3 ، و الحشد يضم جميع الأجرام السماوية التي أحصيناها اليوم و غيرها مما لم نحصيه و محتوياتها بما فيها المجموعة الشمسية و الأرض.
و هذا الحشد كان مكدساً تكديساً شديداً في هذا الجرم ذي الكثافة العالية التي تجعله في حالة عدم استقرار و لابد أن ينفجر هذا الكون الأولي.
ثم حدث إنفجار عظيم إنتشرت بسببه مادة الكون فيما حولها من أجواء ، على هيئة سحابة من الدخان “غاز أولي درجة حرارته تقدر بمئات الملايين من درجات الحرارة المطلقة” أدت بإرادة الله إلى تكوين مختلف أجرام السماء ، و إنطلق المكان و الزمن من اللحظة صفر، لحظة الانفجار.
نظرية الإنفجار العظيم Big Bang
“تقول نظرية الإنفجار العظيم أن الكون بدأ خلقه من نقطة متناهية الصغر في الحجم ، و متناهية الضخامة في كم المادة و الطاقة.
و أن هذه النقطة إنفجرت فإنطلق الزمن و المكان و تحولت النقطة المتناهية الصغر إلي سحابة من الدخان.
ثم أخذت تبرد من مئات الملايين من الدرجات المطلقة إلي حوالي الثلاث درجات المطلقة و بدأت درجات الحرارة تكون مناسبة للمرحلة التالية للخلق”.
و قد تمكن العلماء من عمل جهاز المحاكاة لنشأة الكون ، بُنيَ على القوانين الفيزيائية التي تتحكم في الكون الآن ، و هو النموذج القياسي لعلم الكون.

و قد أكتشف العلماء أن الكون إنبثق عن حالة إنضغاط لا نهائية ( رتقا ) ، أي أن الكون كله كان مضغوطاً في جزيء ذري واحد سماه العلماء الذرة البدائية أو البويضة الكونية أو الكتلة الميكروسكوبية التي أبعادها أصغر من أبعاد الذرة بكثير.
و هو الآن في حالة تمدد بعد الإنفجار العظيم الأولي ، و أن هذا الكون مر في نشأته بعدة مراحل خلال فترات زمنية بدأً من أجزاء من الثانية الأولى للإنفجار العظيم.
و هي المراحل التالية:
أولا مرحلة ما قبل الزمان (مرحلة التفرد) تنقسم إلى:
1- زمن الصفر المطلق:
و هي الفترة الزمنية الأولى ، فلا وجود للذرات و الجسيمات الأولية ، و كان الكل مندمج في كتلة متناهية في الصغر.
و هذا الزمان لا يخضع لأي قانون فيزيائي ، و يبقى زمن الصفر المطلق زمن غامض لا تفسره الرياضيات الفيزيائية.
2- زمن الحائط
:
و هو نقطة من الزمن ، و لا يعرف ماذا خلف هذا الحائط ، إستمر لجزء من 100 مليار جزء من الثانية بعد عملية الانفجار.
و فيه خلقت اللبنات الأولية للمادة من الكواركات (Quarks) التي تعتبر لبنات البناء الأساسية للمادة.
و خلقت أضدادها من الدخان الكوني و النيوترينوات و نقائضها ، و اللبتونات (Leptons)
و ظهر أول كوارك بعد تكون الكون بالإنفجار العظيم بفترة ثانية ، في نفس الفترة التي تحولت فيها القوة الكهرونووية إلى القوتين ، أحدهما القوة الكهرومغناطيسية و الأخرى القوة النووية الضعيفة ، كما ظهرت في نفس الوقت الجسيمات المضادة من الكواركات.
و تُشاهد الكواركات على شكل “جسيمات عنصرية” في النموذج القياسي الحالي.
و في عام 1964 إقترح العالمان موريجيلمان و جورج زفايج أن مئات الجسيمات المعروفة في ذلك الوقت تتكون من مزيج لثلاثة أزواج من الجسيمات الأساسية ، التي سميت بالكواركات أو النكهات.
و هي:
الكوارك الأول
يسمى العلوي u / Up
الكوارك الثاني
يسمي السفلي d / Down ، ويعتبر الأول و الثاني أخف أثنين.
الكوارك الثالث
يسمى الغريب s / Strange ، بسبب طول عمر الغريب لجسيم (k) الموجود فيه هذا الكوارك ، حيث (k) هو أول جسيم مركب وجد فيه هذا الكوارك.
الكوارك الرابع
يسمى الساحر c / Charm ، أُكتشف عام 1974 في آن واحد بكلٍ من مركز ستانفورد المعجل الخطي ، و معمل بروكهافن القومي.
الكوارك الخامس
يسمى القُمي t / Top ، تم إكتشافه مؤخراً في عام 1995 و هو الكوارك الأضخم.
الكوارك السادس
يسمى القَاعي b / Bottom ، أُكتشف في معمل فيرمي القومي عام 1977 في جسيم مركب يسمى أبسيلون (Y) ، الإختلاف الأكبر بين هذه النكهات المختلفة في الدوران و كتلتها و شحنتها.
و الكوارك له الخصائص الفريدة التالية
1. الشحنة
شحنته عدد كسري فالكوارك الأول في كل زوج من الأزواج الثلاثة له شحنة تساوي من شحنة البروتون ، و الكوارك الثاني لنفس الزوج شحنته
من شحنة الإلكترون ، و هكذا في بقية الأزواج الثلاثة.

2. التحول
الكوارك غير ثابت أي يمكن أن يتحول إلى كوارك أخر، فمثلا:
الكوارك السفلي d / Down يمكن أن يتحول بسهولة إلى العلوي u / Up ، و الكوارك الساحر c / Charm يتحول إلى الكوارك الغريب s / Strange.
و يمكن لهذه النكهات تكوين جميع الميزونات (Mesons) و الباريونات (Baryons) المعروفة التي عددها حوالي 200 ، و من بين أكثر الباريونات شهرة البروتونات و النيوترونات ، المتكونة من كواركات سفلية (Down) و علوية (Up) ، و يُمكن رصد الكواركات بشكل تجمعات مكونة من كواركين فقط (كالميزونات) ، أو مكونة من ثلاث (كالباريونات).
و كان الدخان الكوني كثيفاً مظلماً معتماً، و كانت الجاذبية الشديدة قوة رابطة لأجزاء هذا الدخان الكوني ، و يعتقد أن أعداد هذه الجسيمات الأولية كان يفوق أعداد نقائضها و إلا ما وجد الكون ، و كانت هذه الفترة فترة تمدد ملحوظ و توسع مذهل للكون.
ثانيا مرحلة خلق اللبتونات والبوزونات وإستغرقت
ثانية:
و قد إستمرت إلي جزء من مليون جزء من الثانية بعد عملية الإنفجار العظيم ، وتكونت اللبتونات التي عددها المغزلي 1/2 ( و هي أخف اللبنات الأولية للمادة مثل النيترونات و أضدادها الإلكترونات ، البوزوترونات ، النيكليونات).
و تكونت البوزونات من الكواركات ، حيث البوزونات: Bosons هي تلك الجسيمات التي لها أعداد صحيحة أو الصفر من الدوران المغزلي Spin أي دورنها المغزلي (0) فقط كما في حالة الفوتونات، الفوينونات ، الميزونات π & k .
و أصبح الكون مؤلف من فوتونات و إلكترونات.
ثالثا مرحلة خلق النيكليونات و زمنها من 1 ثانية إلى 225 ثانية:
( تسمى مرحلة التخليق النووي البدائي ) و هي الفترة الزمنية التي تبدأ من واحد ثانية ، و كانت درجة حرارة الكون عشرة مليار درجة مئوية ، و فيه إتحدت الكواركات مع بعضها البعض لتكون النيوكليونات و أضدادها مثل البروتونات و نقائضها ، و النيوترونات و نقائضها.
و مع إستمرار الإنخفاض في درجة الحرارة فإن البروتونات أصبحت أكثر شيوعاً حتى وصلت نسبتها حوالي سبعة أضعاف النيترونات.
و إتحد كل نيوترون مع بروتون ليشكلا زوجاً يسمى بالدوتيروم (أحد نظائر الهيدروجين) و التي تجمعت لتُكون نوى عنصر الهليوم ، الذي يحتوي على 2 بروتون و 2 نيوترون ، و إستمرت هذه العملية حتى إندمجت كل النيوترونات مع البروتونات لتكوين الهليوم ، و إختفت جميع النيوترونات من الكون.
و هذا يعني أن الهليوم يشكل ما يقرب من ربع مكونات الكون خلال الدقائق الثلاث الأولى.
و عندما برد الكون الملتهب إلى حوالي مليار درجة ، فإن الأنْوِية السائدة و التي إنبثقت كانت أنوية الهيدروجين و الهليوم ، مع كميات ضئيلة من الديوتيريوم (الهيدروجين الثقيل) و الليثيوم.
و قد إستمرت إلي 225 ثانية بعد عملية الإنفجار العظيم.
رابعاً مرحلة خلق النوى و إستغرقت من 225 إلى 1000 ثانية:
و هي الفترة من 225 ثانية إلي ألف ثانية بعد عملية الإنفجار العظيم.
بدأت فترة تكون نوى العناصر، و فيه تكونت الديوترونات الثابتة و هي تنتج عن ترابط بروتون مع نيوترون.
و مع تكونها بدأت عملية الإندماج النووي في تكوين نوي ذرات الإيدروجين.
و بإتحادها تكونت نوى ذرات الهيليوم و بعض نوي الذرات الأثقل.
أي بعد الثلاث الدقائق الأولى من الإنفجار إندمجت الجسيمات الذرية مكونة سحب من غازي الهيدروجين و الهليوم اللذين كونا المجرات و النجوم و الكون بمرور ملايين السنين.
خامساً مرحلة خلق الأيونات و إستغرقت من
ثانية:
و هي الفترة من ألف ثانية إلي عشرة تريليونات ثانية (316880.878) سنة بعد الإنفجار العظيم ، و بدأت الأيونات في الظهور.
و فيه تكونت أيونات كل من غازي الإيدروجين و الهيليوم ، و أستمر الكون في الإتساع و التبرد.
سادساً مرحلة خلق الذرات و إستغرقت
ثانية:

(مرحلة دخان السماء) خلال الفترة من عشرة تريليونات ثانية إلي ألف تريليون ثانية أي (31.7) مليون سنة بعد عملية الإنفجار العظيم.
بدأت الذرات في التكون ، و فيه تكونت ذرات العناصر ، و ترابطت بقوي الجاذبية و أصبح الكون شفافاً ، و تكونت سحابه كبيرة من الدخان الكوني.
لقد إكتشف العلماء أن الكون في بدايات تكونه كان مليئاً بهذه السحب الدخانية التي يعود تاريخ تشكلها إلى مليارات السنين.
و يقول العلماء أن تركيب جزيئات هذه السحب يشبه تركيب الدخان العادي و لذلك يسمونه Smoke.
و اللافت للأنتباه أن القرآن ذكر هذه الحقيقة العلمية قبل 1400 سنة ، يقول الحق سبحانه و تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴿11﴾ (سورة فصلت).
و بعد حوالي 32 مليون سنة بعد عملية الإنفجار العظيم إلي اليوم بدء خلق أغلب العناصر المعروفة لنا ( و هي أكثر من مائة و خمسة عناصر ) بعملية الإندماج النووي في داخل النجوم حتي تكون عنصر الحديد في داخل المستعرات و المستعرات العظمى ، و تكونت العناصر الأعلى وزناً ذرياً من نوى ذرات الحديد بإصطيادها اللبنات الأولية للمادة المنتشرة في صفحة السماء.
سابعاً مرحلة خلق المجرات إستمرت إلى الآن 13.7 مليار سنة:
الأشياء تطاير بعيدة عن بعضها في الفضاء ، و أستمر الكون خلال المليار سنة الأولى من عمره ، في التمدد و البرودة مع تَركز المادة بفعل الجاذبية في تجمعات ضخمة أُطلق عليها إسم المجرات.
و في نطاق حجم الكون المرئي لنا وحده ، تكوَّنتْ 100 مليار مجرة ، و كل واحدة منها إحتوت على مئات المليارات من النجوم التي تحدث تفاعلات الإندماج النووي الحراري في قلوبها.

كما أن هذا التمدد و التغير في الكون مازال مستمراً إلى الآن ، بفعل هذا الإنفجار.
كما أن حجم الكون غير معلوم لأنه في حالة تمدد مستمر نتيجة حركة المجرات المستمرة و المنظَمة في التباعد عن بعضها البعض.
كما أنه بعد دقائق من الانفجار كانت درجة الحرارة 10 مليار درجة كلفن ، تسببت في إندماج الجسيمات الذرية ، مكونة سُحب من غازي الهيدروجين و الهليوم بنسبة 75% هيدروجين و 25% هليوم ، اللذين كونا المجرات و النجوم عبر ملايين السنين.
و بعد مليار سنة تلاحمت المادة في كتل ، ثم ما بين (2 – 3) مليار سنة نشأة أسلاف المجرات ، حيث ساعدت الجاذبية في تجمع مزيد من كتل المادة تاركة مناطق فارغة في الفضاء ، و بعد 3 مليار سنة بدأ تَشكُل المجرات.
و بعد 5 مليار سنة إتخذت مجرتنا درب التبانة أو طريق اللبانة شكلها الحلزوني.
و بعد 10 مليار سنة ولدت الشمس و نشأت الأرض و الكواكب.
و بعد 13 مليار سنة بدأت أشكال الحياة الأولى على الأرض.
و بعد 13.7 مليار سنة أصبح الكون كما نراه الآن.

هناك مجرات أخرى كالكرات الوضاءة ، و منها مالا شكل له و لا نظام ، و منها ما هو بيضاوي ، و منها أشكال خيطية مقوسة.
و بالسرعة التي تتباعد بها عنا المجرات القديمة و التي تبهت و تختفي عن مجال بصرنا يحل محلها عدد مساوٍ لها من المجرات الجديدة.
التي تتكون من مادة جديدة تتخلق بإستمرار بنفس السرعة الكافية اللازمة للإبقاء على نفس كثافة المجرات في الفضاء.
و تنتشر مجرات أخرى في كل إتجاه بعد حدود مجرتنا التي نعيش فيها، و هي تسبح في الفضاء إلى أبعد ما نستطيع الرؤية كأقراص مضيئة ، و سحب من النجوم.
و كل هذا يؤدي إلى إعادة تشكيل المادة باستمرار ، و هذه المجموعات الدائرة المتحركة تمتص المواد المبعثرة المنتشرة بين النجوم.
و هكذا نجد في كل مكان كميات ضخمة من المادة التي تكونت أو تتكون ، هذه المادة غير المنتظمة الموجودة في الكون المتمدد المنتشر هي الخامة الأولى للمجرات العديدة.

الصورة التالية نشاهد مجرة (M 82) و هي تبعد عننا 12 مليون سنة ضوئية ، و اللافت للإنتباه أن العلماء عندما حللوا هذه الصورة
وجدوا طبقة كثيفة من الدخان (ذو اللون الأبيض في الصورة) تمتد لعشرين ألف سنة ضوئية ، و هذا الدخان هو مكون أساسي من مكونات الكون
ويقول العلماء أن هذا الدخان الكوني من الممكن أن يصل إلينا فوق رؤوسنا قريباً.
و ذكر القرأن العظيم ذلك في قوله سبحانه و تعالى:﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴿10﴾ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿11﴾ رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ﴿12﴾(الدخان).
ظواهر الإستدلال على حدوث الإنفجار العظيم
1- ظاهرة الإتساع المستمر للكون
التمدد و التغير في الكون مازال مستمراً إلى الآن ، بفعل هذا الإنفجار.
كما أن حجم الكون غير معلوم لأنه في حالة تمدد مستمر نتيجة حركة المجرات المستمرة و المنظمة في التباعد عن بعضها البعض.
أصبح لنظرية الإنفجار العظيم إطار علمي يُفهم من حل معادلات الحقل في النظرية النسبية “لآينشتاين”، و هي التي إستنتج منها أن الكون يتمدد أو ينكمش و لا يجب أن يكون ثابتاً.
ثم جاء إكتشاف “أدوين هيل” حيث إكتشف أن ضوء المجرات البعيدة ينزاح نحو الأحمر مما يؤكد أن المجرات تبتعد عن بعضها البعض ، و أنّ المجرات الأبعد تبتعد بسرعات أكبر ، و هذا يؤكد أن الكون يتمدد و كل شيء يبتعد عن كل شيء في هذا الكون المتمدد.
2- ظاهرة الخلفية الإشعاعية الناتجة عن الإنفجار
تكونت الخلفية الإشعاعية من اللحظة الأولى لعملية الإنفجار الكوني العظيم.
حيث إنتشار الإشعاع في كل مكان مع إحتمال وجود أماكن تركزت فيها المادة الخفية التي تعرف باسم المادة الداكنة.
و هي حالة دخانية معتمة سادت الكون قبل تكون المجرات.
ثم إكتشف العلماء بالصدفة الإشعاع المتولد من الإنفجار العظيم ، حيث وجدوا أن هناك إشارات كهرومغناطيسية تصل إلينا من كل أنحاء الكون.
و الذي يعتقد بأنه من بقايا الإنفجار الكبير ، و قد أظهرت الصور التي أرسلها المجس أن الكون عبارة عن شكل بيضاوي أو متقوس أو كروي.
و هذا يثبت تطابق السموات السبع مع الأرض ، و يشير اللونان الأصفر و الأحمر فيها إلى المناطق الحارة و اللونان الأزرق و الفيروزي إلى المناطق الباردة.
و قد أعلن فريق من علماء الفلك السويسريين و الفرنسيين أنهم عثروا على أبعد مجرة تكتشف حتى الآن ، و هي مجموعة نجوم ترجع إلى فجر الكون و تبعد 13.2 مليار سنة ضوئية عن الأرض ، و تكشف الصور التي حصلوا عليها مجرة تكونت عندما كان عمر الكون 470 مليون سنة فقط.

و بتحليل هذه الصورة أيضاً تبين أن النقاط الصفراء و الحمراء و الخضراء هي عبارة عن مجرات و نجوم مشعة إشعاعاتها قوية.
بينما توجد خلفية بلون أزرق هي عبارة عن إشعاعات ضعيفة موجودة في كل مكان و وجود اللون يدل على أن هناك إشعاع يأتي من كل أنحاء الكون.
و التفسير الوحيد له أنه ناتج عن الإنفجار البدائي و كان في كل أنحاء الكون و في نفس لحظة ولادة الكون.
و بذلك يكون الفضاء (أي المكان) و الزمان قد خلقوا مع الإنفجار العظيم.
في بداية الكون كان الفضاء ملئ بالكامل بالمادة (رتقا) ، و المادة كانت حارة جداً و كثيفة جداً.
و بعد ذلك توسعت و بردت لإنتاج النجوم و المجرات التي نراها في الكون اليوم (فتقا).
و هذا لا يعني بأن الأرض أو النظام الشمسي يتوسعان أو يبتعدان عن بعضهما البعض أو ينفصلوا عن مجرتهم الأم.
فلا هما و لا حتى مجرتنا درب التبانة يتوسعان ، هذه الأجسام شكلت تحت تأثير الجاذبية و توقفت عن التحرك على حدة.
فالجاذبية تمسك المجرات و تقسمها إلى مجموعات و عناقيد ، و هي بشكل رئيسي مجموعات و عناقيد المجرات التي تتحركان على حدة في الكون ، بمعنى أن ما يتوسع هو الكون نفسه الذي تتواجد فيه المجرات.
3- ظاهرة نِسب العناصر المكونة لمادة الكون:
هذه النسب تؤكد أن للكون بداية ، فعندما بلغ الكون نصف حجمه الحالي تكونت المجاميع الشمسية.
التي تتكون من نجم واحد يدور حوله عدد من الكواكب في مدارات خاصة بكل كوكب.
أما منظومتنا الشمسية المسماة بدرب اللبانة فقد تكونت بعد 10 مليار سنة من حدوث الانفجار العظيم.
أما إستمراره في التمدد إلى مالا نهاية أو تباطؤه حتى يتوقف و يرتد على نفسه ، يتوقف ذلك على الضخامه التي سيصل إليها.
بمعنى أن الكون سيظل يتسع حتى إذا كانت كتلتُه من الضخامة قادرة بقوة جاذبيتها على وقف هذا التمدد في نهاية الأمر و تعكسه ، فينكمش مرة أخرى.
و سوف يحدث ذلك في وقت ما بالمستقبل البعيد و سينهار هذا الكون على نفسه في واقعة مأساوية أخرى.
و قال الحق سبحانه و تعالى ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴿104﴾ (سورة الأنبياء).
4- اكتشاف آثار الانفجار العظيم:
في علم الكونيات Cosmology نظرية الإنفجار العظيم ترى الكون قد نشأ من حالة حارة شديدة الكثافة قبل 13.7 مليار سنة.
و وضعت هذه النظرية نتيجة لملاحظات عدد من العلماء مثل ألفريد هيل الذي لاحظ تباعد المجرات عن بعضها، و الفضاء يتمدد وفق نموذج فريدمان النسبية العامة.
و هذا يعني أن الكون بكل ما يحتويه من مادة و طاقة خلق بالإنفجار من حالة بدائية ذات كثافة و حرارة عاليتين.
ثم دخل الكون بعدها في ملايين السنيين من الظلام.
و لأن الإنفجار حدث بسرعة عالية للغاية ، و قبل أن يتمدد الكون لاحقاً ببطء.
إنبعثت في لحظات الإنفجار الأولى موجات كهرومغناطيسية و جاذبية التي يحاول العلماء رصدها الآن.
و وفقاً لنظرية النسبية العامة التي وضعها عالم الفيزياء ألبرت أينشتاين ، فإن شيئا عنيفاً جداً كالإنفجار العظيم و التوسع السريع الذي تلاه سيولد موجات و طيات متعاقبة في الزمان و المكان و هي موجات الجاذبية.
و بإستخدام تلسكوب مجهز فائق الحساسية (بايسب 2) مثبت بالقطب الجنوبي للأرض.
تم رصد أنماط مختلطة للكون على خلفية الموجات الكهرومغناطيسية الدقيقة.
و قد تشكلت هذه الأنماط بموجات الجاذبية التي ذكرها أينشتاين و التي بدأت بالتحرك قبل 13.7 ميار سنة مع توسع الكون مباشرة بعد حدوث الإنفجار العظيم.
5-عمر الكون:
تمكنت ناسا من تحديد عمر الكون على وجه الدقة بمساعدة مجس فضائي.
قائلة إنه يبلغ 13.7 مليار عام.
كما إستطاعت تحديد تاريخ بدء النجوم بالتوهج و اللمعان بأنه بدء بعد 200 مليون عام فقط من “الانفجار العظيم” (الفتق).
و قد تمكن علماء ناسا بواسطة المجس الفضائي أن يتعمقوا في الزمن و النظر إلى الكون (النظر إلى الوراء حتى 380 ألف عام بعد الإنفجار العظيم) عندما لم تكن هناك نجوم و لا مجرات و لا شيء سوى فروق طفيفة في درجات الحرارة.
و قال العلماء إن هذه الفروق الطفيفة المتناهية بالصغر التي تبلغ جزءً من مليون جزء من درجة الحرارة المئوية الواحدة كانت كافية لتكوين بقع هائلة حارة و باردة و التي كانت النواة التي تشكل منها الكون بعد ذلك.
6- مركز الكون:
تملأ مجموعات المجرات الكون بالكامل و تتحرك على حدة في جميع الإتجاهات تجعل الكون في توسع مهيب و دائم.
فطبقاً للنظريات الفلكية ، الكون بدأ مع الإنفجار العظيم قبل حوالي 13 مليار سنة.
و منذ ذلك الوقت و هو في توسع و إزدياد في كل مكان.
و لا يمكنا أن نتخيل الإنفجار العظيم كإنفجار عادي كما نعرفه ، ففي الإنفجار التقليدي ، تتوسع المادة للخارج بدءً من نقطة مركزية.
أي بعد لحظات قصيرة من بدأ الإنفجار ، وا لمركز سيكون هو النقطة الأسخن.
و لاحقاً سيكون هناك غلاف كروي من المادة يتوسع مبتعداً عن المركز حتى تتمكن جاذبية الارض أن تعيده إلى الأرض ثانيةً.
بينما الإنفجار العظيم كان إنفجاراً للفضاء ، و ليس إنفجاراً في الفضاء.
فطبقاً لمداركنا و نظرياتنا لم يكن هناك فضاء و لا زمن قبل الإنفجار العظيم.
لذا فالإنفجار العظيم كان مختلفاً جداً عن أي إنفجار نعرفه.
تعتبر رؤيتنا للكون مُحددة بسرعة الضوء و الزمن المحدود منذ الإنفجار العظيم.
الجزء المرئي كبير جداً ، لكن من المحتمل أن يكون صغير جداً بمقارنتة مع الكون بأكمله ، الذي قد يكون لانهائي.
ليس لدينا طريقة على الاقل الأن لمعرفة الشكل الذي هو عليه الكون فيما بعد الأفق المرئي ، و لا توجد طريقة لمعرفة ذلك بمعارفنا الحالية.
و الآن هل لنا أن نزداد فهماً بقول الحق سبحانه و تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ ِبكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴿12﴾ (سورة الطلاق)،
و طبقاً لنص الآية يكون مركز الكون هو الأرض.
عزيزي القارئ نجد في دقة معاني الكلمات و شمولها و ترتيب مواضعها
فنجد كلمة رَتْقًا تسبق كلمة فَفَتَقْنَاهُمَا، أي التجمع للأجرام هو الخلق الأول للأجرام ، قبل تباعدهما.
و نجد من حيث المعنى اللغوي أن مدلول الفتق عكس الرتق.
و التجمع في الجرم العالي الكثافة يعتبر حاجزاً آخر أمام المخلوقات يدل بجلاء على قدرة الله الخالق العظيم في خلق الشيء الذي لا يستطيع أن يتحمله العقل البشري.
فتبارك الله أحسن الخالقين.
و قبل الفتق كانت السموات و الأرض رتقاً ، أي لا يوجد مكان أو زمان ، و لا مخلوقات حية أو غير حية.
ثم بعد الفتق مع اللحظات الأولى من الإنفجار العظيم خلق الله سبحانه و تعالى (الفضاء أي المكان) ، و (الزمان).
الآن أيضاً نستطيع فهم قول الحق سبحانه و تعالى ﴿مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ﴿51﴾(سورة الكهف).
ما أشهدتهم أي العالمين خلق السماوات و الأرض لأنهما كانتا رتقاً فلا يوجد مكان أو زمان.
و الأن الإكتشافات العلمية التي مكن الله سبحانه و تعالى العلماء ، قد زادتنا فهماً بمدلول الآية الكريمة و إزدادنا إيمان فوق إيمان و يقين فوق يقين بالقرآن العظيم.