أهل بلدنا

في الذكرى 46.. القوات المسلحة صمام الأمن والأمان.. حققت المعجزة في 6 ساعات

اقتحمنا خط بارليف المنيع وعبرنا قناة السويس.. ورفعنا العلم على الضفة الشرقية

الرئيس الراحل أنور السادات تعهد بالرد على تهديد “جولدا مائير”..

“النفس بالنفس والعمق بالعمق”

مؤسس  “777”: قطعنا خطوط الإمداد والتموين للعدو..وحققنا المفاجأة في 6 ساعات

لواء حسام سلامة: مشهد لا يُنسى.. ترجم مدى تلاحم الشعب مع جيشه

أعد الملف- طارق أحمد

تمر ذكرى حرب السادي من أكتوبر عام 1973، في وقت عصيب، استطاعت قواتنا المسلحة تحقيق المعجزة في ست ساعات، بعد عبور المانع المائي الصعب، واقتحام خط بارليف المنيع، والاستيلاء على تحصينات ومواقع العدو شرق القناة.

حيث فوجئ الشعب المصري والعربي ببيان أحر من الجمر، كثيرًا ما انتظره الجميع ليروي غليله، وجاء كالتالي:

“نجحت قواتنا المسلحة في عبور خط بارليف الحصين، اليوم السبت الموافق السادس من أكتوبر عام 1973، في تمام الثانية ظهرًا.. هذا وتواصل القوات قتالها على الضفة الشرقية لقناة السويس بضراوة، كما تواصل القوات العربية السورية قتالها على الجبهة الأخرى لمرتفعات الجولان”، وتوالى القتال بضراوة وفدائية من جنودنا وأبطالنا البواسل على الضفة الشرقية لقناة السويس، وهكذا.

تبة الشجرة

وفي اليوم الثالث للحرب، استطاعت القوات المسلحة من رصد قمة “رأس الأفعى” المعروفة عسكريًا بتبة الشجرة، حيث تم التخطيط للنيل منها ووقف ضربات المدفعية التي طالت نيرانها مناطق وتمركزات عسكرية غرب القناة.

 الموقع الحصين على ارتفاع 78 مترًا فوق سطح البحر، ويتكون من خمسة أدوار تحت الأرض، تم بناؤه من الصخر الحجري متعدد المقاسات، ومدعومًا بقضبان وهياكل معدنية، كما يحتوي على خنادق وتجهيزات هندسية، ونقاط وتمركزات لكشف تحركات القوات المسلحة المصرية، إضافة إلى فوهات مثبت عليها منصات لمدافع ومجنزرات مختلفة، وغرف ومبيتات لقادة العدو والصف والجنود، وبها مستشفى متكامل  مجهو على مستوى جيد.

ملحق بالمعسكر أيضًا مطابخ وممرات وخنادق، مجهزة بالعتاد والسلاح والغذاء تكفي عدة أسابيع، كل هذا ملجم بشبكات حديدية تمنع انهيار الصخور الحجرية وتحفظ للموقع ثباته الهندسي والعسكري.

تم التخطيط من قبل القوات المسلحة المصرية لضرب موقع العدو والاستيلاء عليه، وبعد معركة عنيفة استطاعت القوة المكلفة بالاستيلاء على الموقع، فكانت الضربة القاصمة للعدو.

 وبارتفاع  حدة القتال على الجهة الشرقية لقناة السويس، والجبهة السورية، استخدم العرب سلاح النفط لأول مرة، في 17 أكتوبر 1973، على إثر القرارات التي اتخذها الملك فيصل بن عبد العزيزي آل سعود، مع الزعماء العرب خفض الإنتاج بنحو 5% ، كورقة ضغط  على الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا، ما أدى لارتفاع سعر برميل النفط بنحو 70%، كما أرسل العاهل السعودي رسالة للرئيس الأمريكي نيكسون، بأنه إذا استمرت واشنطن في مساندة “العدو الإسرائيلي” فإن الإنتاج سينخفض بقيمة 10%، لترد أمريكا وتعلن دعمها لتل أبيب بمساعدات عسكرية تتخطى قيمتها 2.1 مليار دولار، ويعلن “الملك فيصل”  هو الآخر بأن حظر تصدير النفط لأوروبا سيستمر، لتنصاع أمريكا في النهاية للضغوط العربية وتلزم الكيان الصهيوني بوقف إطلاق النار.

“واحة النصر

وتخليدًا للذكرى و التعليق عليها يقول اللواء حسام الدين سلامة، الخبير العكسري والمحلل الاستراتيجي، اليوم نحتفل بعيد النصر والفخر والكرامة يومًا لا يُنسى ففيه تحققت المعجزة، واستطاعت أن تثبت للعالم أننا لن نترك أرضنا تضيع منا، ولن نقبل الهزيمة.

وتابع “سلامة” وإن وتذكرت مثل هذا اليوم عام ١٩٧٣ يوم النصر؛  فعندما أعلنت وسائل الإعلام المختلفة، عصر هذا اليوم عن نجاح قواتنا المسلحة فى العبور إلى سيناء تغير المشهد بيننا.

فقد نظرت إلى من حولي ” وأنا صغير”  لأرى تعبير الفرح على وجوههم؛ لكن عندما دققت النظر أكثر وجدت بعمق أعين سيداتنا الخوف والقلق على زويهن فى المعركة، ففى كل بيوتك يا مصر مقاتل سواء كان ابن أو أخ أو أب أو زوج، وهناك دمعة محبوسة تتلألأ داخل العيون سواء من الفرحة أو من القلق وتحولت وجوه الرجال إلى الصرامة والجد وتحول المشهد الرمضاني إلى العمل والكفاح والمساجد كانت كلها دعاء ورجاء يثبت أقدام رجالنا فى الميدان.

 نعم فالجميع كان يطلب العزة والعون من الله عز وجل أن ينصر جنودنا وقواتنا المسلحة، وفتحت الكنائس أبوابها وأضاءت شموعها وصلوا من أجل نصرنا حتى المارق من الشعب اختفى ودخل فى منظومة الجبهه الداخلية التى تحولت إلى تروس تتلاحم وتتناغم سويًا لدفع إخوانهم المقاتلين بالجبهه.

وما زال الحديث متواصل على لسان اللواء حسام الدين سلامة الخبير الاستراتيجي والعسكري، والذي يروي إنه مشهد لا يُنسى على الدوام، حيث ترجم مدى تلاحم الشعب مع جيشه،  فكل فرد كان على استعداد أن يرحل لينضم إلى زملاءه بالحرب إن احتاجت مصر ونرى هذا عندما حاولت إسرائيل دخول السويس والذى منعها وصدها المقاومة الشعبية.

هذا المشهد هو الذى ساعد على النصر هو الذى جعل كل جندى يضحى بروحه من أجله وهذا التلاحم هو الذى جعل العالم يخشانا ويسمع صوتنا وهو الذى جعل الرئيس الراحل أنورالسادات؛ يتحدث بكل ثقه فى البرلمان الإسرائيلى ليمشى فى طريق النصر ونصل إلى ما نريد وهو الحصول على أراضينا التى أن كنا لم نحصل عليها كما حدث فى سوريا كان الموقف تبدل وأخذوها منا بالقوه ليضموها إلى إسرائيل كما حدث فى الجولان .

لهذا حاولت أيدى الشر العابسة أن تزرع الوقيعة بيننا وبين جيشنا حاولوا أن يفضلوا عن بعضنا لنسمع نبرات غريبة أن الجيش “مكوّش ” على كل شئ وأنه يأخذ كل المشاريع له وبعض الدعوات السلبية التى نسمعها كل يوم تجاه جيشنا يتمنوا أن يزرعوا الفرق بيننا ويكسروا تلاحمنا ليضعفونا .

وأوضح اللواء حسام سلامة؛ أن الماكينة المصرية القوية تستمد قوتها من خلال أن تعشق تروس الشعب سويًا الجيش والشعب وتتحرك تجاه هدفها واليوم ونحن فى فترة حرجة أكثر توترًا فالقلاقل من حولنا فى شرق البحر الأبيض المتوسط  قلاقل تحاول أن تزرعها “تركيا” من خلال محاولتها التنقيب عن الغاز الطبيعي أمام شواطئ جزيرة قبرص المحتلة منها وعلى الجانب الآخر القوات الأمريكية تتحرك إلى منطقة الخليج العربي فى توتر لا نعلم مداه حتى الآن لتدق طبول الحرب ضد ايران وتعبئ قواتها المسلحه بالمنطقه وترفع درجات الاستعداد فى دول الخليج لذلك فنحن نحتاج إلى إعاده رسم لوحة المجد التى قمنا برسمها فى عام ١٩٧٣ ومؤازرتنا لجيشنا قواتنا حتى نعبر هذه الاجواء بسلام.

“اللا سلم واللاحرب”

ويتذكر اللواء علاء عز الدين، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة سابقًا، يوم الانتصار ورد الاعتبار بقوله: في تمام الثانية إلا خمس دقائق، فوجئ العالم بطائرت الجيش المصري تحلق على ارتفاعات منخفضة ومتجهة نحو البر الشرقي لقناة السويس، لم نصدق ما رأيناه، وكأننا في حلم، وما أن استوعبنا الحقيقة، توجهت مع زملائي إلى المقاومة  الشعبية للاتطوع بها، ورأينا البطولات وعايشناها، وكانت أيامًا عصيبة، حيث تم استخدام عنصر المفاجأة والسرية، لأول مرة بعد فترة عدم اليقين، والشك، التي صدّرها الرئيس الراحل أنور السادات، حتى ظن العدو أن مصر أرخت أسدالها ودخلت فترة “اللاسلم واللاحرب” وكان هذا مقصودًا، خاصة وأن قواتنا المسلحة ظلت تخوض حرب الاستنزاف التي استمرت لـ”ست سنوات” حتى جاءت ساعة الصفر.

وتابع  اللواء “علاء الدين” استطاعت القوات الجوية توجيه ضرباتها  بـ216 طائرة دفاعية، حلقت ونفذت هجومها على ارتفاعات منخفضة، لضرب مقرات وتجمعات وثكنات العدو في عمق الضفة الشرقية للقناة، خلال 6 ساعات من بدء الحرب، إذ تم الاستيلاء على الضفة الشرقية ومراكزها الحصينة، وتمّ أسر عدد من القادة والجنود الإسرائيليين على رأسهم “عساف ياجوري” قائد اللواء مدرع دبابات بالقرب من الطريق الأوسط شرق قناة السويس، وانهارت رئيسة الوزراء جولدا مائير، التي طلبت النجدة من أمريكا، وإلا سيتم سحق المصريين بسلاح الردع النووي، فاستجابت أمريكا على الفور بجسر جوي وبأسلحة عسكرية لم تدخل الخدمة بعد، قادمة من قاعدة “نورفولك” بولاية فيرجينيا، إلى مطار “اللد” بتل أبيب، ومنه إلى مطار العريش، ولاحظنا التفوق في السلاح من أحدث الأسلحة مثل صواريخ شابرال، ودبابات إم 45، و60، وصواريخ أرض جو، وطائرات مقاتلة وقاذفات على أعلى مستوى، لكنها لم تشفع للصهاينة أمام نيران الجيش العربي والمصري، فالعبرة هنا بمن يستخدم السلاح لا من يملكه، حيث واصلت القوات المسلحة المصرية، قتالها العنيف على الضفة الشرقية لقناة السويس، واستطاعت أن تحتفظ بالأرض حتى وقف إطلاق النار.

“39 قتال”

ويصف اللواء أحمد رجائي عطية، مؤسس الفرقة ” 777 قتال”، بعضًا من تفاصيل المعركة، التي بدأ الاستعداد والتخطيط لها بعد النكسة عبر خطط عسكرية، نفذتها عناصر مدفعية وصاعقة وقوات خاصة خلف خطوط العدو، من بينها رصد عناصر الاستطلاع قوات وقطع بحرية، وعلى الفور تصدى اللواء مدكور أبو العز قائد الاستطلاع بتعليماته بتتبع تلك القطع، وتبين فيما بعد أنها المدمرة إيلات في ميناء العقبة، وخرج لها 2 لانش من طراز كومر، كل واحد يحمل صاروخين نظام “ستيكس”، وفاجأ المدمرة بإطلاق الصواريخ ما أدى إلى إصابة المدمرة إصابات مباشرة وغرقت قبل وصولها لميناء بورسعيد بـ11 ميلًا بحريًا، ورغم أن الإذن العسكري كان للمراقبة فقط، لكن الحقيقة أنه تم استهداف المدمرة إيلات وإغراقها بدون أوامر، وبنجاح العملية أشادت القيادة السياسية بها، كما تم استهداف مدينة إيلات عن طريق أفراد من ضمن المجموعة 39  قتال بقيادة الرائد شهيد عصام الدالي، وكذا بيت يافا وبيت شيفع، واعترف العدو بسقوط 104 قتيل و415 جريحًا، والحقيقة أن الأرقام قد تكون أضعاف ذلك مرتين أو ثلاث مرات على الأقل.

كما نفذت المجموعة 39 قتال، عمليات شديدة الخطورة خلف خطوط العدو، بالتعاون مع منظمة سيناء بقيادة اللواء صادق محمد صادق، مدير المخابرات الحربية، كل هذه العمليات مهّدت الطريق ليوم السادس من أكتوبر، ولا يجوز أن نغفل الدور المهم والكبير لحائط الصواريخ الذي قطع الذراع الطولى للعدو، فمنذ وصول القذائف والصواريخ الروسية ميناء الإسكندرية، كانت العقبة هي كيف سنصل بها إلى الضفة الغربية لقناة السويس.

 

 

“السادات يستخدم عناصر التمويه”

وهنا استخدم اللواء مصطفى محرز، خطة الخداع، بطلاءات ودهانات وكشافات عاكسة للإضاءة، وأقمشة الخيام التي تم تجهيزها بمواد كيماوية لا تمتص الضوء، حتى وصلت المنصات، وتم تركيبها أعلى الساتر الترابي، وتم استخدام حائط الصواريخ مطلع عام 1972، واستطاع أن يحمي سماء القاهرة حتى مسافة 15 كيلو مترًا من الضفة الشرقية للقناة، وبتوالي سقوط الفانتوم أصدرت القيادة العسكرية بيانًا بعد عبور طائرات الفانتوم البر الغربي، وكذلك عدم الاقتراب من المسطح المائي لقناة السويس.

وأردف مؤسس الفرقة “777” بقوله: من هنا علمت القيادة العسكرية أن شوكة الذراع الطولى قد تأثرت، تبين ذلك فيما بعد حيث فقد العدو نحو ثلث طائراته خلال أيام الحرب الست الأولى، وبتوالي الضربات، استعرت إسرائيل، ورد الرئيس الراحل أنور السادات على العدو: “أن النفس بالنفس والعمق بالعمق”، حيث تم توجيه الصواريخ المصرية من قواعدها في المنطقة الجنوبية صوب تل أبيب، لكن تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، ومارسا ضغوطًا على إسرائيل حتى قبلت مبادرة وقف إطلاق النار في 25 من أكتوبر عام 1973.

وقود الصواريخ

من جهة أخرى قدم المركز القومي للبحوث دوره في الحرب، حيث أدرك أن القدرة السعكرية الإسرائيلية متفوقة جوًا، ولذا على المركز أن يجد وسيلة علمية حال نفاذ غازات أو وقود الصواريخ؛ مع وجود فرضية عدم الاستجابة أو تأخير الصفقات العسكرية من الاتحاد السوفيتي .

حيث اتجه اللواء محمد علي فهمي قائد قوات الدفاع الجوي، إلى الأجهزة والمعامل الفنية إلى العلماء المصريين المدنيين، وفي سرية تامة تم عرض المشكلة عليهم.

وكتب اللواء طيار محمد عكاشة الأب الروحي للمجموعة 73 مؤرخين في كتابه “جند من السماء”.

تقدم لهذه المهمة الدكتور محمود يوسف سعادة، الذي انكب على الدراسة والبحث، فنجح في خلال شهر واحد من استخلاص 240 لتر وقود جديد صالح من الكمية المنتهية الصلاحية الموجودة بالمخازن.

توصل “سعادة” إلى فك شفرة مكونات الوقود إلى عوامله الأساسية والنسب لكل عامل من هذه المكونات؛ وتم إجراء تجربة شحن صاروخ بهذا الوقود وإطلاقه ونجحت التجربة تمامًا.

وكان لابد من استثمار هذا النجاح فتم تكليف أجهزة المخابرات العامة بإحضار زجاجة عينة من هذا الوقود من دولة أخرى غير روسيا، وبسرعة، كما تم استيراد المكونات كمواد كيماوية.

وهكذا نجح أبناء مصر مدنيين وعسكريين الذين اشتركوا في هذا الجهد العظيم في إنتاج كمية كبيرة (45طن) من وقود الصواريخ. وبهذا أصبح الدفاع الجوى المصري على أهبة الاستعداد لتنفيذ دوره المخطط له في عملية الهجوم.

 

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى