الفضاءالمحليات والبيئةعاجل

مواقع النجوم

دكتور محمود حمزة

بقلم دكتور محمود حمزة

مواقع النجوم هي الأماكن التي تمر بها في جريها عبر السماء و هي محتفظة بعلاقاتها المحددة بغيرها من الأجرام في المجرة الواحدة‏ ، و بسرعات جريها ودورانها‏ ، و بالأبعاد الفاصلة بينها‏ ، و بقوى الجاذبية الرابطة بينها‏ ، و كلمة مواقع جمع موقع. و نجد لمواقع النجوم معانٍ ثلاث:

١- المعنى الأول لمواقع النجوم المسافات العظيمة الطول:             

أن بين النجوم مسافاتٍ كبيرة جدايستحيل على العقل تصورها، يسير الضوء في الفضاء (300) ألف كم في الثانية الواحدة ، و بناء عليه:                  

أ- تبلغ المسافة بين الأرض وبين مجرة المرأة المسلسلة 18 مليار سنة ضوئية.

ب- بعد القمر عن الأرض (1.2 ثانية ضوئية)، أي (360) ألف كم. 

ج- بعد الأرض عن الشمس (8.333) دقيقة ضوئية أو (500) ثانية ضوئية، أي (150) مليون كم. 

د- طول المجموعة الشمسية 13 ساعة ضوئية، أي (14.04 مليار كم). 

ه- طول مجرة درب التبان (150) ألف سنة ضوئية ، أي 1.42 مليار مليار كم. 

٢- المعنى الثاني مواقعها متغيرة كل ثانية:

إن هذه النجوم ليس لها موقعٌ واحد بل لها مواقع مختلفة فهذه النجوم متحركة، و كل شيءٍ يسبح في فلكٍ خاصٍ به, ﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴿40﴾ (سورة يس) و بناءً عليه:

أ- تدور الأرض حول الشمس في (365.25) يوماً، بينما كوكب آخر في المجموعة الشمسية ، يدور حول الشمس في سنتين أو ثلاثة ، و بعضها في أقل من سنة ، و كل نجم له مواقعه الخاصة، له مدار طويل أو قصير، له شكل دائري أو إهليلجي بحسب الدقة التامة, و كل نجم له موقع جديد في كل ثانية ، و تضبط أدق ساعات العالم ، على بعض النجوم، لأن مرور النجم لا يتقدم و لا يتأخر عن موعده الدقيق، فهذه المواقع وفق نظام دقيق و مدهش. 

المذنب هالي

ب- المذنب هالي ، الذي نحن بانتظار رؤيته، يقطع مساره في ستة و سبعين عاماً، و رآه الناس في عام (1871)، و تم مشاهدته في عام (1947) و سوف يمكن رؤيته عام (2023) و جدير بالذكر أنه قد تم رؤيته قبل ميلاد المسيح عليه السلام بألفي عام. 

٣- المعنى الثالث لمواقع النجوم قوى الجاذبية: 

توجد بين النجوم قوة تجاذب، الكتلة الأكبر تجذب الكتلة الأصغر، و تتوقف على عامل آخر، و هو التناسب العكسي مع مربع المسافة بينهما، و لو أن مواقع النجوم تغيرت، لاختل توازن الكون، و لارتطمت النجوم بعضها ببعض، و أصبح الكون كتلة واحدة، هذه المواقع مدروسة بعناية فائقة بحيث يكون محصلها دوران و استقرار. و المسافات بين النجوم مذهلة للغاية لضخامة أبعادها‏ ، و حركات النجوم عديدة و خاطفة‏ ، و كل ذلك منوط بالجاذبية‏ ، و هي قوة لا تري‏ ، تحكم الكتل الهائلة للنجوم‏ ، و المسافات الشاسعة التي تفصل بينها‏ ، والحركات المتعددة التي تتحركها من دوران حول محاورها وجري في مداراتها المتعددة‏ ، و غير ذلك من العوامل التي نعلم منها و لا نعلم !

و هذا القسم القرآني العظيم بمواقع النجوم يشير إلى سبق القرآن الكريم بالإشارة إلى إحدى حقائق الكون المبهرة‏ ، و التي مؤداها أنه نظراً للأبعاد الشاسعة التي تفصل نجوم السماء عن أرضنا‏ ، فإن الإنسان على هذه الأرض لا يري النجوم أبدا‏ً ، و لكنه يرى مواقع مرت بها النجوم ثم غادرتها‏ ، و فوق ذلك أن هذه المواقع كلها نسبية‏,‏ و ليست مطلقة‏ ، لأن الضوء كأي صورة من صور المادة و الطاقة لا يستطيع أن يتحرك في صفحة السماء إلا في خطوط منحنية، و عين الإنسان لا ترى إلا في خطوط مستقيمة و على ذلك فإن الناظر إلى النجم من فوق سطح الأرض يراه على استقامة آخر نقطة إنحنىَ ضَوءه إليها، فيُرى موقعاً وهمياً للنجم غير الموقع الذي انبثق منه ضوءه، فنظرا لإنحناء الضوء في صفحة السماء فإن النجوم تبدو لنا في مواقع ظاهرية غير مواقعها الحقيقية ، ليس هذا فقط بل إن الدراسات الفلكية الحديثة قد أثبتت أن نجوماً قديمة قد خبت أو تلاشت منذ أزمنة بعيدة‏ ، و الضوء الذي انبثق منها في عدد من المواقع التي مرت بها لا يزال يتلألأ في ظلمة السماء في كل ليلة من ليالي الأرض إلى اليوم الراهن‏.

و من هنا كان هذا القسم القرآني بمواقع النجوم‏ ، و ليس بالنجوم ذاتها بالرغم من عظم قدر النجوم ، التي كشف العلم عنها أنها أَفران كونية عجيبة يخلق الله‏‏ سبحانه و تعالى‏ لنا فيها كل صور المادة و الطاقة التي يُبنى منها هذا الكون المُدرك ‏، ثم إن عدد ما أحصاه علماء الفلك من النجوم في الجزء المُدرك من السماء الدنيا إلى يومنا هذا تعدى سبعين مليار تريليون نجم.       

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى