الأحد. مايو 5th, 2024

البلاد

نبحث عن الخبر باحترافية و نحرره بموضوعية

الصخر الزيتى في مصر يفتح طاقة أمال جديدة

1 min read

بقلم. دكتور علي عبد النبي 

نائب رئيس هيئة الطاقة النووية سابقًا

مصادر الرزق كثيرة وهى لا تعد ولا تحصى، ومن أهمها مصادر الطاقة. والله سبحانه وتعالى متكفل بأرزاق جميع المخلوقات، من سائر دواب الأرض. و”الصخر الزيتى” هو أحد مصادر الطاقة الغير تقليدية، والتي توسعت في استغلالها كثير من دول العالم.

خلال السنوات القليلة الماضية بدأت في مصر بوادر أمل جديدة في مجال مصادر الطاقة التقليدية، فقد شهدت مصر طفرة في إنتاج الغاز الطبيعى. واليوم مصر على أعتاب فتح طاقة أمل جديدة في مجال مصادر الطاقة الغير تقليدية (نفط وغاز)، ألا وهى “الصخر الزيتى” Oil shale. 

مصادر الهيدروكربونات التقليدية (نفط وغاز)، يتم استخراجها بتكنولوجيات الحفر التقليدية والمتبعة فى أبار البترول والغاز، وذلك من خلال حفر آبار رأسية للوصول إلى الخزان. أما مصادر الهيدروكربونات الغير تقليدية، فيتطلب استخراجها تكنولوجيات أكثر تعقيداً ولم تكن متوفرة من قبل، ومنها الحفر الأفقى والتكسير الهيدروليكي، حيث أن المواد الزيتية في الصخر الزيتي صلبة ولا يمكن ضخها مباشرة من الأرض. ولا يختلف النفط والغاز “الغير تقليدي” كيميائياً عن النفط والغاز “التقليدي”. لكن التمييز يرجع إلى موقعهم تحت الأرض أو من الطبيعة غير العادية لخزاناتهم. 

وينظر عادة إلى إنتاج النفط غير التقليدي على أنه أكثر تكلفة من إنتاج النفط التقليدي، وأقل كفاءة، ومن المرجح أن يتسبب في المزيد من الأضرار البيئية. ونتيجة لأن الطلب العالمي متزايد باستمرار على النفط التقليدى، ونتيجة تقلصه في العرض، جعل المزيد من الدول تتحول إلى استغلال النفط غير التقليدي. في هذه الأثناء، أدى التقدم في التكنولوجيا، خاصةً الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي، إلى جعل مصادر النفط غير التقليدية أكثر سهولة، وانخفضت تكلفة الاستخراج مع زيادة كفاءته. وبذلك فقد يبدو في الآونة الأخيرة أن الصخر الزيتي يعتبر حلاً حاسماً لاستنفاد الوقود الأحفوري الطبيعي “نفط وغاز طبيعى وفحم” في العالم.

الصخر الزيتي هو تشكيل من الصخور الرسوبية غير العضوية دقيقة الحبيبات، ولكنها تحتوي على كميات كبيرة من المواد العضوية “الهيدروكربونات” الصلبة والغنية بالهيدروجين، وهذا المركب العضوي الصلب يعرف باسم “الكيروجين ” kerogen، هذه المادة غير ناضجة فيما يتعلق بتوليد الهيدروكربونات، فهى لم تستوى بعد، فهى لم تتعرض لحرارة عالية ولفترة زمنية كافية لكى تتحول إلى نفط أو غاز طبيعى،والكيروجين كمادة تحترق عند تعرضها للهب.

بمجرد استخراج الصخور الزيتية (الكيروجين)، يمكن استخدامها مباشرة كوقود لمحطة توليد الطاقة، أو معالجتها لإنتاج النفط والمركبات الأخرى (المواد الكيميائية والمواد الأخرى)، حيث يتم تسخينه إلى درجة حرارة عالية (450 درجة مئوية) للحصول على النفط، الذى يُرسَل بعد ذلك إلى أماكن أخرى للمعالجة الإضافية. يتم استخراج الصخر الزيتي باستخدام التعدين السطحي أو تحت السطحى. كما توجد بعض أساليب المعالجة الاخرى والمعروفة باسم التقطير retorting وهى تتم في الموقع، حيث يتم تسخين الصخر الزيتي في مكانه تحت الأرض ليتحول إلى سائل، ثم يتم ضخ السائل الناتج إلى السطح. العيب في الطرق الغير تقليدية، هو أن هناك حاجة إلى الكثير من الماء والطاقة لتسخين الصخور.

التقديرات المتحفظة من قبل مجلس الطاقة العالمي، حددت إجمالي موارد العالم من الصخر الزيتي تعادل 6.05 تريليون برميل (962 مليار متر مكعب) من النفط الصخرى shale oil. وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أكبر دولة في العالم المتواجد بها صخور زيتية، حيث تمثل أكثر من 80 ٪ من إجمالي الموارد العالمية. 

أما عن احتياطيات مصر من الصخر الزيتي، فقد تم العثور على رواسب الصخر الزيتي في مناطق كثير داخل القطر المصرى، فنجد أن هذه الصخور تتواجد في الصحراء الغربية والصحراء الشرقية وشبه جزيرة سيناء. تقديرات الخبراء تشير إلى أن مصر لديها احتياطى من الصخر الزيتى يعطى أكثر من 17 مليار برميل من النفط الصخرى. وأكبر احتياطي من الصخر الزيتي في مصر يوجد في الصحراء الشرقية فهى تقدر بأكثر من 9 مليار طن، وهذه الصخور متواجدة على طول منطقة “القصير- سفاجا”، وتقديرات الخبراء حددت إجمالي كمية النفط الصخرى التي يمكن استخراجه من رواسب هذه المنطقة “القصير – سفاجا” بأكثر من 5 مليار برميل. كما تحتوي منطقة أبو طرطور على رواسب من الصخر الزيتى، لكنها أقل من تلك الموجودة في الصحراء الشرقية، حيث من المقدر لمنطقة أبو طرطور أن تعطى أكثر من 1.5 مليار برميل من النفط الصخرى.

أما عن سيناء الحبيبة، فهناك رواسب للصخر الزيتي موجودة في منطقة “جبل المغارة” و”أبو زنيمه”. والرسوبيات في “أبو زنيمه” تحتوى على أكثر 35% من المواد العضوية، والتي تعتبر من الصخر الزيتي المنتج للنفط. مصر حاليا تقوم باستيراد النفط لتلبية احتياجاتها من الطاقة، وذلك بسبب محدودية مواردها النفطية التقليدية. ومن ناحية أخرى فإن ارتفاع أسعار النفط يعتبر عبء على اقتصاد مصر. ومن بشائر الخير أن النفط الصخري والمتولد من الصخر الزيتى في مصر، سيكون هو المستقبل لمصر، وسوف يمهد الطريق لتصبح مصر مكتفية ذاتياً في مصادر الطاقة.

والله الموفق.

البلاد

نرحب بتعليقاتكم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.