“كلمة الكون هي كل شئ يشغل حيز معين سواء كان منظوراً أم غير منظور ، موجوداً حاليا و نحس به ، أو سيوجد لاحقاً ، و ما نعلم عنه أو في علم الغيب ، و كل شيء محيط بنا يشملنا و يشمل السماء“
و طبقاً لفهمنا الحالي لهذا المعنى ، فإن الكون يشمل ثلاثة عناصر:
1. الزمان و المكان أو (الزمكان)
2.المادة
3. الأشكال المختلفة من الطاقة التي تملأ هذا الزمكان.
و القوانين الفيزيائية هي التي تحكم كلا من الزمان و المكان أو الكون المرئي المرتبط بنا و الذي يمكن أن يتفاعل معنا.
2- الكون المرئي طبقا للنظرية النسبية العامة:
الكون يتسع بسرعة أكبر من سرعة الضوء و لذلك بعض مناطق الفضاء التي نعلم بوجودها فإنها قد لا تتفاعل معنا حتى خلال عمر الكون كله، بسبب السرعة المحدودة للضوء و التوسع اللامحدود للكون.
فعلى سبيل المثال، رسالة إذاعية أرسلت من الأرض قد لا تصل لبعض مناطق الفضاء، حتى إذا عاش الكون إلى الأبد، لأن الفضاء قد يتوسع بأسرع من سرعة الضوء و لا يمكن للرسالة أن تصل لذلك المكان.
فهذه المناطق البعيدة في الفضاء نعلم بوجودها ، و لا تقع داخل منطقة الكون المرئي و لذلك لا يمكنا أن نتفاعل معهم.
و الكون المرئي هو المنطقة الموجودة ضمن المكان أو الزمان و هي التي نتفاعل معها. و في حالتنا هو الكون المرئي من موقعنا الحالي في مجرة درب التبانة في زماننا الحالي.
3- هندسة الكون:
هندسة الكون هو الفضاء، فالتغييرات في الحجم أو في شكل الفضاء يحدثان بسبب التغييرات في محتوى الطاقة ومادة الكون.
ويقدر العلماء بأن الثلاث عناصر الاكثر شيوعا في الكون هي الهيدروجين و الهليوم والاكسجين ويعتبر الهيدروجين أكثرهم حيث تقدر نسبته إلى العناصر الاخرى من 90 % إلى 99 %.
و إستطاع العلماء من مواقع النجوم تحديد أبعاد الكون فيبلغ مقدار القطر المرئي منه 13.7 مليار سنة ضوئية، توجد نحو 100 مليار مجرة، تحتوي كل منها في المتوسط على 200 مليار من النجوم ويبلغ عدد النجوم في الكون المرئي 20 مليار تريليون نجم 20×10^21 stars ، و هو عدد يفوق كل تصور، يستطيع كل منا رؤية نحو 6000 نجم بالعين المجردة ، و لكنهم يشكلون مجموعة النجوم القريبة.
و تتجمع المجرات في أشكال هندسية طبقاً لتقسيم الفلكي هابل التالي:
توجد منها أنواع مختلفة طبقا لحجم الجوف المركزي و درجة إنعطاف الأذرع الحلزونية مثل مجرة سومبريرو, ذات الجوف المركزي الكبير ، و مجرة أندروميدا، و مجرتنا درب التبانة التي نشاهدها بنجمومها المتلألئة.
يقول العلماء أن كل نجم من هذه النجوم هو شمس مثل شمسنا، و قد تكون أكبر منها بكثير ، هذه المجرة تحوي أكثر من 100 مليار نجم و لكن لا نرى منها إلا القليل ،و يخبرنا الخالق العظيم في القرآن قبل 1400 سنة ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿57﴾ (غافر).
ثانياً المجرات قليلة التلولب Barred spirals Galaxy:
و هي لا تحتوي على أزرع و قسمت بناء على درجة إستدارتها إلى سبعة أنواع ، و ينتمي إليها أضخم المجرات العملاقة و أيضا المجرات القذمة التي تحتوي على عدد قليل من النجوم أي عدة ملايين نجم.
رابعاً المجرات اللامنتظمة Irregulars Galaxy:
لا يوجد في هذا النوع من المجرات عناصر التناظر الهندسي اللولبي ، و يمكن رصدها من المناطق الجنوبية البعيدة عن خط الاستواء ، مثل سحابة ماجلان الكبرى ، و سحابة مجلان الصغرى.
خامساً العناقيد Clusters:
أكدت عمليات الرصد و الحسابات الفلكية أن مجرات النجوم لا تنتشر في الفضاء بشكل عشوائي ، و لكنها تتجمع في عناقيد غير منتظمة أو منتظمة الشكل و ذات مظهر كروي مميز و تتركز النجوم في جوف العنقود مثل عنقود ركوما الذي يبعد عن الأرض مسافة 350 مليون سنة ضوئية ، و عنقود فورناكس و يبعد 60 مليون سنة ضوئية عن الأرض ، و عنقود العذراء و يبعد 50 مليون سنة ضوئية عن الأرض.
و عناقيد المجرات تظهر كتجمع من مئات إلى آلاف مجرات النجوم ، و هي تشكل 5% من مجموع كتلة العنقود ، و بقية كتلة العنقود حوالي 25 % طاقة ، و 75 % مادة مظلمة.
أنواع العناقيد
1. العناقيد الفقيرة:
تحتوي على عدد قليل من النجوم مثل عنقود المجموعة المحلية الذي يحتوي على 20 مجرة ، معظمها إهليجية قذمة و الذي تنتمي إليه مجرتنا درب التبانة ، و مجرة أندروميدا ، و سحابتا ماجلان الكبرى و الصغرى.
2. العناقيد الغنية:
تحتوي على عدد كبير من النجوم مثل عنقود العذراء يحتوي على أكثر من 1000 مجرة ، ويبلغ قطره 6 مليون سنة ضوئية و يبعد عنا 50 مليون سنة ضوئية.
أشكال العناقيد
اولاً العناقيد الكروية المغلقة:
العناقيد هي تجمع كروي الشكل من النجوم الكبيرة العمر والتي غالبا تشترك في أصل مشترك واحد، و تتألف من مئات الآلاف من النجوم القديمة المنخفضة المعدنية و هذه العناقيد خالية من الغاز و الغبار لأن كل منهما تحولا إلى نجوم منذ عهد بعيد ، و هذه العناقيد تحتوي على كثافة عالية جدا من النجوم بمعدل 0.4 نجم لكل فرسخ فلكي مكعب (3.26 سنة ضوئية), و تزداد الكثافة كلما اتجهنا إلى مركز العنقود فتصبح من 100 إلى 1000 نجم في الفرسخ المكعب الواحد ، و متوسط المسافة بين النجوم في تلك العناقيد حوالي سنة ضوئية واحدة.
و لذلك تلك البيئة غير مناسبة لتواجد أنظمة كوكبية ، و خاصة مركز هذه العناقيد لأن المدارات الكوكبية ستكون غير مستقرة بسبب مدارات النجوم الأخرى حولها ، مع أنه هناك نظام كوكبي يدور حول نجوم في بعض العناقيد الكروي ، و لكن يعتقد بأن هذه الكواكب تشكلت بعد الحدث الذي خلق هذا النجم.
وتستغل مساحة من 100 إلى 300 سنة ضوئية تقريبا.
الصورة التالية لعنقود الثريا المقفل و ألمع 7 نجوم فيه تسمى الشقيقات.
وتحتوي بعض العناقيد على ثقوب سوداء متوسطة الحجم في مركزها. وقدر عمرها من 13 إلى 14 مليار سنة. و يقسم العلماء العناقيد الكروية إلى مجموعتين، المجموعة الاولى تحتوي على تركيز معدني أعلى من المجموعة الثانية. وقد لوحظ ذلك في العديد من المجرات وخاصة المجرات الإهليليجية العملاقة. كلتا المجموعتين هي تقريبا قديمة كقدم الكون نفسه ومتماثلة في الأعمار، ولكن الأختلاف هو في وفرتهم المعدنية.
ثانيا العناقيد الكروية المفتوحة (Open Stars Cluster):
تتكون من عدد قليل نسبياً من النجوم المبعثرة. تسمى بالمفتوحة أو بالمبعثرة لأن نجومها منتشرة بصورة رخوة دون تراص، أي بمعنى إن المسافات بينها كبيرة نسبيا.وتحتوي مجموعة العناقيد المفتوحة على ما بين (1000- 3000) نجم في المجموعة.
و نجوم العنقود المفتوح لها نفس العمر تقريبا. و يقدر عدد عناقيد النجوم المفتوحة بنحو 20 ألف مجموعة، 100 منها معروفة. يتراوح نصف قطر العنقود المفتوح (7- 20) سنة ضوئية , وتتواجد العناقيد النجمية المفتوحة في أذرع المجرة.
و النجوم في هذه التجمعات تكون عادة ممتزجة بسحب الغبارالكوني الهائلة التي تكونت منها. وتتحرك المجموعة المفتوحة داخل المجرة في مستوى مواز لخط الاستواء المجري الذي يمر فوق وتحت هذا الخط و لذلك تدعي أحيانا بالعناقيد المجرية ، لان معظم نجومها تقع في قرص المجرة. ومن خلال قياس أطيافها يقل تركيز النجوم بشكل واضح عند الاتجاه نحو مركزالمجموعة ولذلك فإنها عرضة للتأثير بسبب جاذبية المجرة المركزية الطاردة ، نتيجة دوران الأذرع بسرعة 25 كم/ث و أيضا بسبب السحب الساخنة المندفعة داخل المجرة.
و لذلك فتكون هذه المجموعات المفتوحة عرضة للتفكك خلال بضع ملايين من السنين، أي خلال دورة أو دورتان لها حول المجرة. و تتحرك نجوم المجموعة المفتوحة نحو مناطق جذب عالية قريبة من كل منها بسرعات تتراوح بين (20- 45) كم/ث. و يقدر عمر المجموعات المفتوحة بحوالي 1. هي تحتوي على نجوم شابة أحجامها متقاربة ، ذات وفرة في العناصر الثقيلة.
4. أهمية العناقيد:
العناقيد الكروية لها أهمية في علم الفلك حيث يعتبرها الفلكيون أنها الخطوة الأولى لقياس أبعاد الكون ، و نظريا يستعمل الفلكيين ملاحظة العناقيد الكروية لتحري تطور وفترة حياة النجوم. حيث أن كل النجوم في عنقود معين يكون له نفس العمر تقريبا، و قد إستنتج فلكيون بأن النجوم الكبيرة الكتلة تتغير بسرعة بمرور الوقت أكثر من النجوم الأقل كتلة.
5. أصل العناقيد الكروية:
بعض تلك العناقيد سواء في مجرتنا أو مجرات أخرى هائلة جدا في الحجم وبكثافة تصل إلى مليون كتلة شمسية ومكونات متعددة من النجوم ليست كلها من أصل واحد. و يمكن أن يعتبر هذا كدليل على أن العناقيد الكروية الهائلة الحجم هي في الحقيقة قد تكون مراكز لمجرات قزمة التهمت من قبل المجرات الأكبر، بالإضافة إلى انها ليست بالضرورة أن تكون آثار من الأجيال السابقة للنجوم، مثال لذلك أيضا إندماج العناقيد في حالات إصطدام المجرات والتي يمكن أن تتسبب في خلق عناقيد مضيئة جدا تجعلها تبدو وكأنها عناقيد كروية.
6. فترات الاسترخاء للعنقود الكروي:
بعد تشكل العنقود فإن النجوم تبدأ في التفاعل الجذبي مع بعضهم البعض، وكنتيجة للموجهات بينهم يحدث تعديل وثبات في سرعة النجوم، وتفقد النجوم سرعاتهم الأصلية. وهذه المرحلة يطلق عليها وقت استرخاء العنقود. ويتعلق هذا بالوقت الذي يحتاجه النجم لعبور العنقود بالإضافة إلى عدد الكتل النجمية في النظام كما أن فترة الإسترخاء تلك تتفاوت من عنقود لأخر، لكنها في المتوسط حوالي 10 مليار سنة.
أقرب النجوم:
أقرب النجوم إلينا هو نظام مكون من نجمين, ويبعد عنا 4.34 سنة ضوئية, كما يوجد بالقرب منهم نجم يسمى القزم الأحمر ولونه برتقالي, ويبعد هذا النجم عنا 4.22 سنة ضوئية عن الشمس.
و عندما يصل ضوء النجمين إلى أعيننا يكون قد مر عليه في الطريق 4.34 سنة ، أي أننا نراه على حالته التي كان عليها منذ 4.34 سنة ، و إذا انفجر النجم مثلا الآن فإننا لن نعرف ذلك إلا بعد أن يصل إلينا ضوء الانفجار، أي بعد مرور 4.34 من السنين.
و النجم القطبي يبعد بمقدار 430 سنة ضوئية أي يستغرق وصول ضوئه إلينا 430 سنة.
و تبعد مجرة أندروميدا عن الأرض 2.25 مليون سنة ضوئية ، و يبعد عنقود العذراء عن الأرض 50 مليون سنة ضوئية ،و يبعد عنقود روكوما عن الأرض 350 مليون سنة ضوئية.
و أبعد النجوم يبعد عنا بمقدار 13.7 مليار سنة ضوئية أي يساوي تقريبا (132 سكستليون كيلومتر) أي يستغرق وصول ضوءه إلي الأرض 13.7 مليار سنة ، و هو مقدار اتساع السماء الدنيا الذي أمكن إدراكه حتى اليوم أي نحن نرى من النجوم ضوءها الصادر منها فقط ، و خلال زمن وصوله السحيق قد تكون هذه النجوم بردت أو إنفجرت وتلاشت ، وظل ضوءها يجري حتى يصل إلينا.
و في الواقع و تصديقاً لكلام الحق عالم الغيب و الشهادة نحن لا نرى من تلك النجوم سوى مواقعها التي خلف ضوءها.