في تعليقه على حادث معهد الأورام “المؤشر العالمي للفتوى”: فتاوى الإخوان والتنظيمات المتطرفة .. جهاد مزيف يرسخ للقتل

كتب محمد مسعد
نشر موقع دار الإفتاء تعليق المؤشر العالمي للفتوى على حادث معهد الأورام و جاء فيه
للإطلاع على المقال في موقعه الأصلي:
http://dar-alifta.org.eg/AR/Viewstatement.aspx?sec=media&ID=6639
إن جماعة الإخوان الإرهابية و باقي التنظيمات المتطرفة قد وظفت الفتوى بصورة مؤصلة لخدمة أغراضها القتالية، مشيرًا إلى أن الكثير من الفتاوى لعبت على ترسيخ العقيدة القتالية لدى أتباع هذه التنظيمات، علاوة على أن هذه الفتاوى قد حملت ألفاظًا معينة لبث روح القتال و العدوان في نفوس أتباعها، إضافة إلى ربط هذه الألفاظ و الفتاوى بالتذكير بالثواب المنتظر في الجنة والنعيم الدائم بها لمن مات و هو يجاهد في صفوفهم، و التمكين و الانتصار لمن يظل على قيد الحياة.
و لقد تتبع المؤشر العالمي للفتوى مجموعة من فتاوى جماعة الإخوان و باقي التنظيمات الإرهابية وعمل على تحليل محتواها و ألفاظها أيضًا، ليكشف عن تلاقي أفكار هذه التنظيمات في معاداة الأوطان لأجل نصرة التنظيمات، و اختصار مفهوم الجهاد في الموت والإرهاب، و إضفاء قدسية و زعامة لقائد التنظيمات على حساب الأوطان.
و في تعليقه على حادث معهد الأورام الذي ارتكبته حركة “حسم” التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية كشف مؤشر الإفتاء عن أن الجماعات الإرهابية تتبنى فتاوى تؤسّس للعنف بغية تنفيذ أجنداتها الخبيثة، مشيرًا إلى أن تلك الجماعات ترفع عدة شعارات مؤثرة تريد السلطة باسم الدين.
و حذّر مؤشر الفتوى من سيناريو قد يؤدي إلى وجود تحالفات بين التنظيمات الإرهابية في العالم وإعادة إحيائها، مشيرًا إلى أن تنظيمات داعش و القاعدة و الإخوان المسلمين تمر الآن بمحنة في أكثر من جبهة تنظيميًّا و على الأرض؛ فداعش تعرض لهزائم متتالية أفقدته سيطرته على مناطق نفوذه في سوريا و العراق، و كذلك الأمر بالنسبة للقاعدة الذي يعاني هذه الأيام من انقسامات داخلية حول زعامة التنظيم، علاوة على فشل مشروع الإخوان في العالم بصفة عامة و في مصر على وجه الخصوص.
الطاعة العمياء و الكفر بحدود الدول.. قواعد مشتركة في أدبيات التنظيمات الإرهابية
أوضح المؤشر العالمي للفتوى أن هذه التنظيمات استخدمت الفتاوى في موضوعات الجهاد والتمكين والولاء والبراء وغيرها للوصول إلى أهدافها، لإضفاء صبغة دينية وشرعية على أعمالها الإرهابية أمام عناصرها وأمام المجتمعات كنوع من نيل الشرعية عند الطرفين، و تتمثل أهم تلك الفتاوى فيما يلي:
1. الجهاد .. الفريضة الغائبة:
و أكد المؤشر العالمي للفتوى أن فتاوى الجهاد جاءت بنسبة (٢٥%) من جملة فتاوى التنظيمات الإرهابية، مشيرًا إلى أن هذه التنظيمات تفتي دائمًا بأن الجهاد هو السبيل الوحيد لرفع راية الإسلام، و اقتصر مفهوم الجهاد عندهم حول القتال لأجل إعلاء راية هذه التنظيمات.
و ترى هذه التنظيمات أن تعطيل الجهاد يفوت فرصة التمكين في الأرض الذي تسعى إليه تلك التنظيمات لأجل بسط سيطرتها على بقاع الأرض عنوة، و دائمًا ما تسعى هذه التنظيمات إلى ترسيخ المفهوم الذي يؤسس لفكرة أن الجهاد فريضة غائبة على المسلمين إحياؤها، لدرجة أن البعض اعتبره ركنًا سادسًا للإسلام بل قدمه البعض على ركن الحج مثل قول بعضهم: “الجهاد الآن فريضة معطَّلة أو غائبة”، و قولهم إن “ما يقومون به من التفجيرات و الأعمال الانتحارية هو بمنزلة إحياء لفرض الجهاد الإسلامي”.
2. الولاء و البراء و الطاعة العمياء
و أضاف مؤشر الفتوى أن فتاوى “الولاء والبراء” جاءت في المرتبة الثانية من موضوعات هذه التنظيمات بنسبة (٢٠%)، والتي ترسخ لمبادئ الطاعة العمياء أو البيعة أو الولاء المقدس حسب زعمهم، واستغلت التنظيمات الإرهابية هذا النوع من الفتاوى ذريعة لاستهداف غير المسلمين أو حتى المسلمين المخالفين، وهو ما عبر عنه مقطع فيديو بثه تنظيم داعش في أكتوبر ٢٠١٧ تحت عنوان: “أحياني بدمه”، مرتكزًا على عقيدة الولاء والبراء لدى من وصفهم بـ “أشبال الخلافة”.
3. الاستضعاف و التمكين
كما كشف مؤشر الفتوى أن الفتاوى التي حملت موضوعات حول “الاستضعاف والتمكين” جاءت في المرتبة الثالثة بنسبة (٢٠%) من فتاوى الجماعات الإرهابية، و هي وسائل ذات تأثير فعال لتجنيد و استقطاب أتباع جدد لهذه الجماعات المتطرفة.
و تابع المؤشر أن استراتيجية الجماعات الإرهابية في حربها ضد الدول تقوم على بث روح الاستضعاف أو المظلومية لضمان انضمام أكبر شريحة من المجتمع في صفوفهم، و ما إن يتحقق لهم هذا حتى يدخلوا في مرحلة التمكين التي يسبقها الكثير من سفك الدماء والدمار، وبالتالي كان مهمًّا من توظيف الفتاوى الدينية لخدمة هذين المحورين لكي تسيطر هذه التنظيمات المتطرفة.
و لقد أورد مؤشر الإفتاء نماذج لفتاوى جماعات متطرفة تهدف لقاعدة التمكين، و من ذلك قول القيادي بتنظيم القاعدة عمر عثمان المكنى بـ”أبو قتادة الفلسطيني”: “لا عبودية بغير تمكين، و لا مغفرة من غير فتح، و لا فتح بلا شهادة”. كما زعم عمر عبد الحكيم، و هو أحد منظري الجماعات الجهادية أيضًا، أن “التمكين في الأرض ضرورة حتمية و فرض لازم لحماية العبادة”، حيث دعا عبد الحكيم، الإسلاميين للابتعاد عن أبواب السلاطين وما أسماها “مؤسسات الردة الثلاثة” التنفيذية و التشريعية و القضائية “لأن دخولها حرام لا تُقرّه الشريعة ومعصية لله”.
4. الكفر بالديمقراطية و الدول و الإيمان المطلق بمصطلح “الأمة”
و أشار مؤشر الفتوى العالمي إلى أن فتاوى التنظيمات الإرهابية التي رسخت لفكرة الأمة في مقابل الدولة جاءت بنسبة (٢٠%) من جملة الفتاوى التي تتناول فقه الجهاد في هذه التنظيمات، حيث احتل هذا المحور المرتبة الرابعة.
و في مقارنة بين فتاوى التنظيمات الإرهابية حول مفهوم الأمة مقابل الوطن كشف المؤشر العالمي للفتوى أن (٩٥%) من الخطاب الإفتائي لدى جماعة الإخوان الإرهابية يرى أن الوطن هو الانتماء للجماعة، كما جاء على لسان منظرها سيد قطب في ظلاله: “إن راية المسلم التي يحامي عنها هي عقيدته، و وطنه الذي يجاهد من أجله هو البلد الذي تقام فيه شريعة الله، و أرضه التي يدفع عنها هي “دار الإسلام” التي تتخذ المنهج الإسلامي منهجًا للحياة، و كل تصور آخر للوطن هو تصور غير إسلامي تنضح به الجاهليات و لا يعرفه الإسلام”.
في حين أن (٩٨%) من فتاوى تنظيم داعش تدعو لطمس الوطنية و نسف فكرة الدول و الحدود و الأوطان، فمن أقوالهم: “الوطنية وثنية و جاهلية عليكم أن تهجروها إلى دولة الخلافة”. فيما جاءت فتاوى القاعدة ضد الأوطان بنسبة (٩٧%)، و من ذلك قول أبو عبد الله المعافري أحد منظري التنظيم: “الإسلام رابطة واحدة.. فلا قومية و لا وطنية، و لا حزبية، و لا عصبية و لا جاهلية”.
5. مبدأ الحاكمية
و في المرتبة الخامسة وبنسبة (١٠%) جاءت فتاوى “الحاكمية” من بين فتاوى الجماعات المتطرفة، حيث تنادي تلك الجماعات بتطبيق شرع الله وفق رؤيتهم.
و أوضح المؤشر أن التنظيمات المتطرفة اعتمدت على بعض الفتاوى القديمة التي تؤسس لهذه الفكرة و من بين تلك الفتاوى فتوى “ابن تيمية” في أهل ماردين التي استولى عليها التتار في حياته التي جاء فيها: “و أما كونها دار حرب أو سلم، فهي مركبة: فيها المعنيان، ليست بمنزلة دار السلم التي تجري عليها أحكام الإسلام، لكون جندها مسلمين. و لا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار، بل هي قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحقه، و يقاتَل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه”.
و أشار المؤشر إلى أن بعض المتطرفين استغلوا فتوى ابن تيمية لتبرير أعمال العنف ضد أبناء المجتمع الواحد فاستبدلوا “و يعامل الخارج عن شريعة الإسلام” بكلمة “و يقاتل الخارج عن شريعة الإسلام”، و بذلك برروا أعمال القتل و العنف و التخريب و ترويع الآمنين من المسلمين و غير المسلمين، و كلها نتاجات لما يسمى بالحاكمية.
6. استخدام العنف و “الغاية تُبرر الوسيلة”
و في المرتبة الأخيرة و بنسبة (٥ %) جاءت فتاوى التنظيمات الإرهابية التي ترسخ لمبدأ الغاية تبرر الوسيلة، و استند المؤشر في ذلك إلى قول حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين: إن الوصول للحكم لا بد أن يكون بالتدرج و العمل المرحلي الذي ينتهي باستخدام القوة. و شرح البنا ذلك بالقول: إن “كل دعوة لا بد لها من مراحل ثلاث: مرحلة الدعاية و التعريف و التبشير بالفكرة وإيصالها إلى الجماهير من طبقات الشعب، ثم مرحلة التكوين و تخير الأنصار وإعداد الجنود و تعبئة الصفوف من بين هؤلاء المدعوين، ثم بعد ذلك كله مرحلة التنفيذ و العمل و الإنتاج”.
و أخيرا أوضح مؤشر الفتوى أن هناك أيضًا مبادئ لا تحيد عنها جماعات التطرف و الإرهاب، منها: العدو المشترك، حيث تؤمن تلك الجماعات و التنظيمات بأن حربها مع مجتمعها، و أن قتال العدو القريب أولى من البعيد، ما يجعلها تنفذ مواجهات دامية مع الشعوب دائمًا وأبدًا، كما أنهم يتخذون زعيمًا أو قائدًا أو مرشدًا يلجأون إليه في كل أمر من الدين و الدنيا.